بسم الله الرحمن الرحيم


وقفــــات
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
.أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ الله وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله صلوات
.الله وتسليماته عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
.{يا أيُّها الذين آمنوا اتّقوا اللهَ حقَّ تُقاتهِ ولا تموتنَّ إلاّ وأنتم مسلمون}
يا أيُّها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم}
.{ومنْ يُطعْ اللهَ ورسولهَ فقد فازَ فوزاً عظيماً
يا أيُّها النّاسُ اتّقوا ربّكمُ الذي خلقكم منْ نفسٍ واحدةِ وخلقَ منها زوجها وبثَّ منهما }
.{رجالاً كثيراً ونساءً واتّقوا اللهَ الذي تسآءلونَ بهِ والأرحامَ إنَّ اللهَ كانَ عليكم رقيباً
:أمّا بعد: فإليك أخي القارئ الحبيب هذه الوقفات… لعلّ الله ينفعنا وإيّاكم بها

:الوقفة الأولى
:(توالت نكبات عديدة وعظيمة على المسلمين يكاد يجمعها كلها مصطلح (السقوط
.. سقوط الخلافة العباسية ـ سقوط دولة المماليك ـ سقوط الدولة العثمانية وهلمّ جرّاً
ويكاد زماننا يمثل مرحلة السقوط بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معان.. إذ لا يملك
المسلمون اليوم دويلة واحدة يلجئون إليها ويلقون عصا التسيار فيها.. كلّ الدول
..ساقطة) في يد الكفّار من مرتدين مرتزقة أو كفّار أصليين.. والله المستعان)
وقد سبق بذلك قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلّم في قوله: (توشك الأمم
:أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها . قالوا: أمن قلة نحن يومئذ؟ قال
بل أنتم كثير ولكنّكم غثاء كغثاء السيل…) وما يعيشه المسلمون اليوم هو ترجمة
.واقعية عملية للحديث السابق.. ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم

:الوقفة الثانية
في خضم هذا السقوط والتخاذل ظهرت بارقة أمل في دولة تكاد تكون منسيّة على
الرغم من حجمها المساحي الهائل.. تلك الدولة هي أفغانستان.. ارتفعت فيها صيحات
الجهاد: يا خيل الله اركبي، فاستجاب إخوة لنا من شتّى بقاع الأرض.. لبيك اللهم لبيك،
بنيّة صافية صادقة.. ملؤها الإخلاص لله سبحانه وبذل النفس رخيصة في سبيل
رضاه جلَّ في علاه، وطارت أرواح إلى ربها وخالقها فهي نحسبها ولا نزكيها
ـ في مقعد صدق عند مليك مقتدر ترد أنهار الجنّة وتأكل من ثمارها ـ مصداقاً لموعود
.الله فيمن خرج مجاهداً في سبيله يبتغي مرضاته
كانت أفغانستان حلم العالم الإسلامي أجمع في دولة إسلامية تحكم بشريعة الرحمن
لا بشرائع الشيطان.. لكن ـ والله المستعان ـ كانت النتيجة خلاف ما كان متوقعاً،
.فلم يعدُ ذلك الحلم عن كونه حلماً لم يشأ الله تحقيقه. وإليه المشتكى وعليه التكلان

:الوقفة الثالثة
بارقة أمل جديدة ظهرت في دولة لا يكاد يعرفها إلاّ من سافر إليها أو كان من أهل
الاختصاص بعلم الجغرافيا الأوربية أو شاء الله له أنْ يعرفها بطريقة ما.. تلك الدولة
هي البوسنة والهرسك.. دولة إسلامية في قلب أوربا.. ارتفعت فيها راية الجهاد
..ونادى فيها المنادي حيّ على الجهاد وتعالت صرخات الثكالى والأرامل والصغار

صرخت وقالت ويحكم جفّ اللبن *** وأنين أطفالي سيقتله الزمــنْ
صرخت ونادت من عروق فؤادها *** صرخت ولكن لا مجيب ولا أذنْ
عادت همومٌ كالجبال تهـــزّها *** ويحلُّ فيها كلّ أبعاد الوهــنْ
وتقول هذه ابنتي وصغيرتـــي *** صارت دماها تنضح اليوم العفنْ
وهناك ابني قد تشقّق جســمه *** فكأنّه شبح وليس له بـــدنْ
وهناك مولودي تفتّت كبــده *** وهناك أيامي تُصارعها المحـن
وأبي عجوزٌ قد تباعد عمــره *** ماذا يُقدّم يا ترى هذا المســن
وهناك زوجي قد تعاظم دَينــهُ *** فإذا به قد صار فيمن قد سُجـن
أحداثنا هذي ولكن محنـــتي *** من عنفها تبكي المآذن والمــدن
فهناك قومٌ في الطريق رأيتهــم *** حملوا الصليب ودمروا أغلى وطن
حملوا الصليب إلى الصغار بقولهم *** جاء المسيح يُعيد أزهار الغصـن
لا تجعلوني بعد إسلامي غــداً *** أدعو المسيح وفي الكنائس في علن
يا أمتي قد قلت مأساتي لكــم *** وأُريد منكم واحداً شهماً فطن
أمّا إذا قد عزّ فيكم مطلــبي *** فأُريد منكم أمتي ثمن الكفــن
فاستجاب إخوة مجاهدون صالحون من شتّى بقاع الأرض: لبيك اللهم لبيك،
لبيك يا داعي الجهاد… فطارت أرواح إلى بارئها ـ نحسبها ولا نزكيها ـ نهانا
الله أنْ نقول عنها ميتة: {ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن
لا تشعرون} ونهانا أنْ نظنَّ فيها الموت فقال: {ولا تحسبنَّ الذين قُتلوا في سبيل الله
أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزقون..} .. وذهبت أرواح إلى الجحيم الأبدي إذ لا تُفتّحُ
لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنّة حتّى يلِجَ الجمل في سمِّ الخِياط. وكانت النتيجة
.لا تختلف كثيراً عن نتيجة أفغانستان، بل هي أسوء.. والله المستعان

..ما سبق أخي القارئ عرضٌ بسيط متواضع لأحداث عشناها ولا زلنا نعيش بقاياها
.وإلى الله المشتكى

:الوقفة الرابعة
لم يكتف الشرع الإسلامي الحنيف بحثِّنا على التدبّر والتفكّر في الآيات الشرعية
:فحسب، بل امتدّ ذلك الحث إلى التدبّر في الآيات الكونية وذلك في آيات كثر منها
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق..} وقوله: {أفلم يسيروا في الأرض}
فتكونَ لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذان يسمعون بها..} وأمّا الأوامر في الحثّ على
التدبّر في الآيات الشرعية فهو أكثر من أنْ يُستشهد عليه أو يُحتجّ له.. هذا أولاً،
وثانياً أمر الله سبحانه بأخذ الحذر والحيطة من الكفّار ووجوب الانتباه إلى مُخططاتهم
..وأنّهم أُمم خبيثة لا تزال تُقاتل المسلمين، ولا يتحقق رضاهم من المسلمين إلاّ بردّتهم
من ذلك قوله سبحانه: {وإذا كنتَ فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك
وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أُخرى لم يُصلّوا
فليصلوا معك وليأخذوا حِذرهم وأسلحتهم ودَّ الذين كفروا لو تغفلونَ عن أسلحتكم
وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلةً واحدة ولا جُناح عليكم إنْ كان بكم أذىً من مطرٍ أو كنتم
مرضى أنْ تضعوا أسلحتكم وخُذوا حِذركم..} ، وقوله: {ولا يزالون يُقاتلونكم حتى
يردوكم عن دينكم إنْ استطاعوا..}، وقوله: {يا أيها الذين آمنوا خذوا حِذركم فانفروا
ثُباتٍ أو انفروا جميعاً..} ، وقوله: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى
...تّتبعَ مِلتهم…} وغيرها كثير

:الوقفة الخامسة
(بعد فشل الحلول العسكرية المتمثلة بغزو بلادنا والمسماة زوراً وبهتاناً (استعمار
لابد من اللجوء إلى حلٍّ أمثل يُحقق الأرباح الطائلة، ويُبقي السيادة الكافرة على
بلادنا، وينعم الكفّار في بلادهم بالأمن والطمأنينة ورغد العيش… كلّ ذلك دون
أدنى خسائر تذكر.. وكان هذا الحل متمثلاً بوضع مرتدين مرتزقة ينوبون عن أهل
الاستعمار المكروهين من قِبل الشعوب الإسلامية.. هؤلاء المرتزقة يكونون أشبه
بالبيادق في لعبة الشطرنج، لا يخطون خطوة ولا يؤخرونها إلاّ بإذن ومعرفة
سابقة من قِبل أسيادهم.. وهذا الحل الشيطاني كان موفقاً إلى حدٍّ كبير بالنسبة لهم
..لأنّه يُحقق ما يصبون إليه دون أدنى تعب أو خسائر تذكر

:الوقفة السادسة
لمّا كان دوام الحال من المحال كما يُقال.. وعاد الكثير من المسلمين ـ برحمة الله ـ
إلى دينهم، وفهِمَ الكثير منهم مسائل الاعتقاد بصورة واضحة لا لبس فيها، وبرز
كثير من دُعاة الإصلاح والخير الذين لا يخافون في الله لومة لائم… وقام الكثير
منهم بالدعوة إلى إحياء الفريضة الغائبة (الجهاد)، وقدّم إخوة منهم أوفياء أرواحهم
في سبيل الله رخيصة ابتغاء مرضاته.. وأقدم منهم من أقدم على ذلك.. كما في مقتل
الهالك السادات.. ومحاولات أُخرى غيرها في بقاع شتّى من بلاد المسلمين منها ما
يُعلن عنها ومنها ما لا …. أدرك الغرب الكافر ومن في معسكره.. بأنّه لابد من
التعامل بجدية مع هذا الواقع الجديد الذي سيقلب وجه العالم ويُغيّر خريطته كما سبق
وأنْ تغيّرتْ زمن المصطفى صلى الله عليه وسلّم وصحابته الأجلاّء وزمن خلفاء بني
..أُميّة وخلفاء بني العباس وخلفاء الأندلس بل وحتى في زمان المماليك وبني عثمان

إذن لابد من التعامل الجدّي مع هذا المارد العملاق الذي استيقظ من هدأته ووثب
..من نوم عميق كاد يُضيعه ويُضيع الأمّة بأسرها

:الوقفة السابعة
من الخطأ العسكري بمكان أنْ تستهون قدرة خصمك أو تتجاهلها حتى لو كان هو
..ضعيفاً أصلاً فمن الخطأ التقليل من شأنه
لا تحقرنَّ صغيراً في مخاصمةٍ *** إنَّ البعوضة تُدمي مقلة الأسدِ
..ومن المعلوم شرعاً وعقلاً أنْ الغلبة العددية وربما العتادية دائماً في صف الكفّار
:كما قال سبحانه: {وإنْ تُطع أكثر من في الأرض يُضلوك عن سبيل الله..} وقال
وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين..} وقال: {فلمّا جاوزه هو والذين ءامنوا}
معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنّون أنّهم مُلاقوا الله كم
من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله …} ولذلك كانت وصية عمر لسعد رضي
الله تعالى عنهما قبل توجهه إلى القادسية من أعظم ما وصّى بها خليفةٌ قائده
وفيها قوله: (عليك بتقوى الله أنت ومن معك، واعلم أنّكم تُنصرون على عدوكم
بتقوى الله لا بكثرة عدد أو عُدّة، فإنْ تساويت مع خصمك في المعاصي كانت الغلبة
.له، لأنّه أكثر منك عدداً وعُدّة…) أو كما قال
ومن المعروف عن بلاد الكفر وحكوماتها أنّها تنتهج سياسة عجيبة حبّذا لو استفاد
منها المسلمون وطبّقوها لأنّها مفقودة عندنا والله المستعان، دليل ذلك
.(حديث (صدقك وهو كذوب
هذه السياسة هي التخطيط المستقبلي والنظرة المبكرة لمستقبل قادم، وإيجاد الحلول
والمقترحات لافتراضات قد تتحول إلى واقع مُسلّم به.. ولذلك فإنَّ حكومات الكفّار
اليوم تُولي اهتماماً شديداً بالمفكرين وصانعي السياسة والقرارات، وتوفر لهم كلّ
.وسائل الراحة التي تُعينهم على ما أُنيط بهم من مهام

:الوقفة الثامنة
أخي القارئ إذا فهمت ما مضى من وقفات فتعال معي لنربط بينها ربطاً
:قائماً على مقدمات ونتائج
.المقدمة الأولى: عاش المسلمون في تخاذل طويل الأمد <
.ـ النتيجة: ارتاح الكفّار في بلادهم وعاشوا حياة رغيدة
.المقدمة الثانية: لم يكن الحل العسكري الكافر مجدياً <
.ـ النتيجة: لابد من وجود طواغيت يأتمرون بأمر الكفار وينتهون عن نهيهم
المقدمة الثالثة: استيقاظ المارد الإسلامي من سُباته، وظهور حركات <
.جهادية ضدّ الكفر وأهله
.ـ النتيجة الأولى: خوف الكفار من أنْ يُعيد التاريخ نفسه
ـ النتيجة الثانية: لابدّ من صرف تلك الجهود الجهادية إلى مواقع
.لا تضرّ دول الكفر بل تخدمه
ـ النتيجة الثالثة: إذن لابدّ من فتح مقابر للمجاهدين باسم الإسلام يجني
:الكفّار منها فوائد جمّة، أبرزها
.القضاء على المجاهدين *
.معرفة من عنده روح جهادية، ومن ثمّ التربص به الدوائر *
.إبعاد ساحة الجهاد عن الأماكن التي في الأصل يجب أن يكون فيها الجهاد قائماً *
.استمرار النهب والسرقة لخيرات بلادنا *
:ومن ثمّ فالواجب اتخاذ ما يلي
.البحث عن أرض تكون مقبرة للمجاهدين *
.المساعدة بكافة الأشكال لمن يُريد الذهاب إلى هناك *
.تسخير الإعلام لتزويق وبهرجة ذلك الجهاد *
.المتابعة الكاملة للأحداث عن كثب *
وهذا ما تمّ، فالأرض المقبرة كانت أفغانستان، والمساعدات توالت إلى هناك
بأشكال لا يحصي عددها إلاّ الله من قِبل بلاد الكفر والطواغيت .. ولذلك لو
فكّر أي مسلم بهذا السؤال: ما الفائدة التي تجنيها أمريكا وحلفاؤها من جهادٍ
.إسلامي في بلد كأفغانستان؟! لَفَهِمَ ما أردناه من تفصيلنا السابق

:الوقفة التاسعة
جنت بلاد الكفر من جهاد دام أكثر من 14 سنة في أفغانستان، فوائد طائلة لا
تكاد تحصى، من أبرزها القضاء على ثلّة كبيرة جداً من خِيرة شباب أهل
...الأرض والعيش الهنيء طوال هذه المدّة دون إزعاج أو تكدير
ولمّا تمَّ للكفّار ما أرادوا ـ حسب ظنهم ـ كشّروا عن أنيابهم، وتذكّر الذئب
أنَّ أباه ذئب ولو أنّه رضع من ثدي شاة… فمجرد سقوط كابول (العاصمة
الأفغانية) والقضاء على الاتحاد السوفيتي وسقوط الآلاف من خِيرة شباب
:الإسلام.. بدأ العمل على المكشوف.. المتمثل بما يلي
ـ وضع حاكم لبلاد أفغانستان، هذا الحاكم هو ـ مُجددي ـ رجل صوفي
يؤمن بأقطاب أربعة تدير الكون، وهو أضعف من وُجِدَ هناك من القادة عدة
وعدداً وعتاداً.. ولهو أمر عجيب يثير الدهشة والاستغراب.. أليس من الأولى
أنْ يحكم فلان أو فلان ممّن يُقاتل تحت رايته عشرات الآلاف؟!! بلى،
.إنّه أمرٌ دُبّر بليل
ـ حملات اعتقال واسعة للشباب المجاهد، وهنا برز واضحاً دور الحكومة
الباكستانية العميلة في ذلك.. لأنَّ بريق الذهب والدولار لا تقوى عليه
العيون الكليلة… فوقع الأخيار الأطهار من الشباب بين فكي كماشة؛ إمّا
الخضوع للاعتقال أو الدخول إلى أرض أفغانستان التي تحوّل الجهاد فيها
إلى حرب أهليّة طاحنة… ولقد تحقق في الاخوة مقولة طارق بن زياد ـ إنْ
صح أنّها له ـ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم. حتى تمنّى الكثيرون منهم
.أنْ لو كانوا قد استشهدوا ولم يصل بهم الحال إلى ما وصل إليه.والله المستعان
هذه أبرز الإجراءات والخطوات التي سار عليها هناك المخطط
.الأمريكي الملعون

:الوقفة العاشرة
إذن فقد تمَّ للكفار والمرتدين ما أرادوا من خلال مقبرة أفغانستان، ولا تزال
أوضاع أفغانستان غير مستقرّة، والحكم عليها أشبه بالفتنة التي تدع الحليم
حيران، وإنْ كنت شخصياً لا أطمئن لحركة ما يسمى بـ (طالبان)، والذي
أخشاه ـ وأرجو أنْ يكون الحق في خلافه ـ أنْ تكون هذه الحركة امتداداً
..للمأساة السابقة التي أشرنا إليها
وعلى كلّ حال.. فهل استطاع أهل الكفر والردّة القضاء على المجاهدين
من خلال مقبرة أفغانستان؟! الجواب: لا، وبكل تأكيد.. إذ خيّب الله ظنهم
...وأبطل سعيهم، وانقلب السحر على الساحر
إذ لو لم يكن من حسنات أفغانستان إلاّ أنَّ الكثير من الاخوة تدربوا هناك
تدريباً طيباً على أنواع شتّى من الأسلحة الخفيفة والثقيلة وكسروا حاجز
الخوف، وأُشبعت نفوسهم بحب الجهاد والمجاهدين وأفعمت بالإخلاص لله
..سبحانه.. لكان في ذلك الكفاية والفضل، وإنّما يعرف الفضل ذووه
إذن فلم يمت كل المجاهدين كما خطط لذلك ولم تنطفئ شعلة الجهاد، ولله
الحمد والمنّة.. ولذلك كان لابد من إيجاد حلٍّ جذري آخر لاستئصال
:الجهاد والمجاهدين.. فكان ما يلي

:الوقفة الحادية عشرة
تم البحث عن مقبرة جديدة للمجاهدين.. فكانت أحسن البقاع لذلك بلداً مغموراً
غير معروف لدى الكثيرين اسمه (البوسنة والهرسك) كان لابد من إيجاد عذر
..لإقامة الحرب هناك. هذا العذر هو (الاختلاف العِرقي) الموجود في ذلك البلد
والواقع أنّه الاختلاف الديني العقدي القائم على حقد صليبي دفين على الإسلام
وأهله. وقد تزامنت حروب الإبادة في البوسنة والهرسك مع احتلال العراق
للكويت، وذلك لكسب أكبر وقت ممكن لتحقيق تلك الإبادة المرجوّة لشعب مسلم
..أعزل، الكثير منه لا يعرف عن الإسلام إلاّ اسمه والله المستعان
وقد سنحت الفرصة لذلك، إذ كانت وكالات الأنباء لا تكاد تترك الأخبار
المتعلقة بالكويت والعراق وماذا قيل؟ وماذا فُعِل؟ ولم يكن الحديث عن البوسنة
...والهرسك والمذابح التي تُمارس هناك إلاّ شيئاً هامشيّاً لا يكاد يُنتبه له
ثمَّ ـ وبانتهاء أزمة الخليج ـ بدت أزمة البوسنة والهرسك جليّةً، وأدرك المجاهدون
وجوب تلبية نداء الاستغاثة والدعوة إلى الجهاد.. فجاء المجاهدون إلى تلك
الأرض زَرافات ووحدانا، مضحين بالغالي والنفيس ابتغاء رضا الله وجنّة
عرضها السموات والأرض أُعدّت للمتقين. فاصطفى الله منهم شهداء واتخذهم
..عنده، ومنهم من ينتظر.. نسأل الله الشهادة
وعادت العقرب لِلسعها ولم تكن النعل لها جاهزة، ولدغ المجاهدون مرةً أُخرى
..من جحر واحد، والله المستعان، كيف ذلك؟ تعال معي إلى الوقفة التالية


الصفحة التالية


اتصل بنا مواقع أخرى مواضيع مختلفة "كتاب "الجامع المحتويات الصفحة الرئيسية